لقد برز الين مرة أخرى كواحد من أسوأ العملات أداءً في مجموعة العشر بنهاية العام. فمنذ يناير، تراجع سعر صرفه مقابل الدولار الأمريكي بأكثر من 10%، ليصل إلى أدنى مستوى له في خمسة أشهر عند 158.09 الأسبوع الماضي. يعتقد العديد من المحللين أن ضعف العملة اليابانية سيستمر خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، بينما يواصل الدولار هيمنته على الأسواق. دعونا نستكشف ما الذي يمكن أن يحفز هذا الانخفاض ومدى انخفاض الين الياباني في العام المقبل.
ما الذي يحدث مع الين الآن؟
في الأسبوع الماضي، انخفضت العملة اليابانية بنسبة 0.9% مقابل نظيرتها الأمريكية، لتختبر أدنى مستوى لها منذ 17 يوليو عند 158.09 يوم الخميس.
الضغط على الين كان مدفوعًا بعودة تجارة الفائدة التي تشمل العملة. بدأ المشاركون في السوق مرة أخرى في الاقتراض بالين للاستثمار في العملات ذات العوائد الأعلى، مثل الدولار الأمريكي.
كان المحفز لهذا هو التباين المستمر في السياسة النقدية بين اليابان والولايات المتحدة. من المهم أن كلا المنظمين عقدا اجتماعات السياسة النقدية النهائية لهذا العام في الأسبوع السابق، مما أكد مرة أخرى على الفرق في نهجهما تجاه تعديلات أسعار الفائدة.
في اجتماع ديسمبر، قرر بنك اليابان الإبقاء على تكاليف الاقتراض دون تغيير بعد رفعها مرتين هذا العام.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح البنك المركزي أنه لن يتسرع في تطبيع سياسته النقدية بشكل أكبر بسبب المخاطر الداخلية والخارجية، خاصة عدم اليقين الكبير المحيط بسياسات الرئيس المنتخب حديثًا دونالد ترامب.
نظرًا لأن ترامب سيتولى منصبه رسميًا قبل أيام قليلة من اجتماع بنك اليابان في يناير، فلن يكون لدى المنظم وقت كافٍ لتقييم الخطوات الأولية للإدارة الأمريكية الجديدة وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي.
يعتقد العديد من المشاركين في السوق أنه، نظرًا لعدم اليقين السائد، من المرجح أن يمتنع بنك اليابان عن رفع أسعار الفائدة في يناير أيضًا.
من ناحية أخرى، يعتقد معظم المستثمرين حاليًا أن المنظم الأمريكي سيمتنع أيضًا عن اتخاذ أي خطوات بشأن أسعار الفائدة الشهر المقبل، بعد أن خفضها في ثلاثة اجتماعات متتالية في وقت سابق من هذا العام.
عزز السوق الثقة في سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشددًا بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في ديسمبر، حيث قدم المنظم توقعات محدثة لأسعار الفائدة والتضخم والنمو الاقتصادي.
هذا الشهر، رفع المسؤولون الأمريكيون تقديراتهم السابقة للتضخم والناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، مما أدى منطقيًا إلى خفض توقعات الأسعار.
حاليًا، يتوقع أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة خفضين لأسعار الفائدة العام المقبل، بينما في سبتمبر، أشار الرسم البياني إلى أربع خطوات تيسيرية.
تدعم التهديدات من الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفرض تعريفات صارمة على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة بمجرد توليه منصبه رسميًا أيضًا قضية سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأكثر تشددًا في عام 2025.
من المحتمل أن تعزز مثل هذه السياسة النمو الاقتصادي، وفي الوقت نفسه، تؤدي إلى ارتفاع في التضخم، مما يخفف من حاجة البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة.
كما نرى، لدى السوق حاليًا كل الأسباب للاعتقاد بأن الفجوة الكبيرة في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة واليابان، التي غذت ارتفاع الدولار مقابل الين لأكثر من عامين، ستستمر في العام المقبل. لهذا السبب، يقوم المستثمرون مرة أخرى بشراء الدولار الأمريكي بنشاط مقابل الين.
ما الذي ينتظر الين في العام المقبل؟
وفقًا لـ FactSet، فإن العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات أعلى بنسبة 3.5% من نظيراتها اليابانية. هذا سبب آخر لعودة المتداولين إلى تجارة الفائدة بالين في نهاية العام.
منذ أوائل ديسمبر، انخفضت العملة اليابانية بمقدار 10 ينات مقابل الدولار. يعتقد العديد من الخبراء أن هذا بعيد عن الحد الأقصى ويتوقعون مزيدًا من الضعف مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، حيث وصلت إلى أعلى مستوى لها في سبعة أشهر الأسبوع الماضي.
يعود ارتفاع عوائد السندات الأمريكية إلى توقعات السوق بسياسة أقل تيسيرًا من قبل الاحتياطي الفيدرالي وسط احتمال فرض تعريفات تجارية صارمة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة.
إذا نفذ دونالد ترامب وعوده الجريئة في بداية العام، فقد يؤدي ذلك إلى موجة صعود قوية في عوائد الخزانة، مما ينتج عنه دولار أعلى، والذي وصل مؤخرًا إلى أعلى مستوى له في أكثر من عامين. وبدوره، سيضعف الين أكثر.
يتوقع الاقتصادي في Mizuho Securities، سيكي أوموري، ارتفاعًا كبيرًا في تداولات الكاري التي تشمل العملة اليابانية في الربع الأول من عام 2025، بناءً على التوقعات بأن كل من الاحتياطي الفيدرالي وبنك اليابان سيقومان بتعديل سياساتهما تدريجيًا. وقال الخبير: "أنا واثق من أن العام المقبل سيشهد أيضًا تداولات الكاري، وسيظل الين ضعيفًا مقابل الدولار، الذي سيستمر في تعزيز قوته بشكل عام".
على النقيض من ذلك، يتوقع الاستراتيجيون في Societe Generale أن يرتفع الين إلى 142.00 بحلول نهاية العام المقبل، مدفوعًا بزيادات مستمرة في أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان وسط التضخم المستمر.
ومع ذلك، يوصي الاقتصاديون الفرنسيون بأن يقوم المشاركون في السوق الذين يتداولون زوج USD/JPY بالتحوط بنسبة 60% من استثماراتهم في العام المقبل، متوقعين تقلبات عالية في سعر صرف الين.
كما يحذر المحللون في UBS Securities المستثمرين من مخاطر التقلبات الكبيرة في العملة اليابانية. ويتوقعون أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة ثلاث مرات في العام المقبل، على عكس توقعات السوق التي تشير إلى جولتين فقط من التشديد.
"لن نستبعد رفع سعر الفائدة في اليابان في وقت مبكر من يناير، نظرًا لبيانات التضخم القوية في طوكيو لشهر ديسمبر وتجدد انخفاض الين هذا الشهر. إذا استمر الاتجاه التنازلي للعملة اليابانية، فقد يقوم بنك اليابان بالفعل برفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل لوقف تدهور الين بشكل طبيعي، بدلاً من التدخل. في هذه الحالة، قد يرتد الين بشكل حاد مقابل الدولار، كما رأينا في الصيف"، أشار الخبراء.
ومع ذلك، يعتقد UBS أن العام المقبل سيكون بشكل عام صعبًا على الين كما هو الحال في العام الحالي. ويتوقع المحللون أن تتداول العملة اليابانية عند مستوى يقارب المستوى الحالي البالغ 157.00 خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، مع خطر الانخفاض إلى أدنى مستوى له منذ سنوات عند 161.00 في العام التالي.
الصورة الفنية الحالية
يواصل زوج USD/JPY التداول بتحيز صعودي، حيث يحوم حول 157.80 يوم الاثنين. وعلى الرسم البياني اليومي، يظل بقوة داخل قناة صاعدة، مما يؤكد قوة الاتجاه الحالي.
كما يدعم الزخم الصعودي الحالي مؤشر القوة النسبية لمدة 14 يومًا (RSI)، الذي يقع تحت مستوى 70 بقليل. ومع ذلك، فإن تجاوز هذه العلامة قد يشير إلى ظروف شراء مفرطة، مما قد يؤدي إلى تراجع قصير الأجل.
إذا اخترق الأداة أعلى مستوى شهري حول 158.08، فإن ذلك سيشير إلى استمرار النمو. يمكن للحركة المستمرة فوق هذا المستوى أن تمهد الطريق نحو الحدود العليا للقناة الصاعدة، الواقعة بالقرب من 160.60.
من ناحية أخرى، يكمن الدعم الرئيسي عند المتوسط المتحرك الأسي لمدة 9 أيام حول 156.79، الذي يتزامن مع الحدود السفلى للقناة الصاعدة بالقرب من 156.50. تعمل هذه المنطقة كنقطة حاسمة للحفاظ على الاتجاه الحالي. قد يشير الكسر دونها إلى ضعف الزخم الصعودي ويفتح الباب لتصحيح أعمق.
